براءة الأطفال:
ذكرت في الحلقات السابقة صفات الأشخاص اللذين يتعرضون للعنف والتحرش في طفولتهم ،مما يجعل الطفل في داخلهم لا ينضج ،ويتعاملوا مع أبنائهم بمثل ما عاملهم آبائهم، ويكرروا ما فعلوه معهم ، فيقوموا بالإساءة لا شعورياً إلى أبنائهم الأطفال ،وذلك بالعنف والتحرش الجنسي الذي عانوا منه في طفولتهم ، ويجعلون مرة أخري أطفالهم ،يعانون من معاملتهم لهم ، فلا ينمو الطفل في داخلهم ، ويعيدوا نفس التصرفات المشينة مع أبنائهم، مثلما فعل آبائهم من قبل معهم .
وهكذا تتكرر هذه المأساة والعقد النفسية في نفس الطفل إلى أن يكبر ،لأنه لا يجد المثل الأعلى ليقوده إلى حياة عاطفية ونفسية سعيدة ،ليكون سعيداً و ناجحاً ، لذلك يتجه إلى الانحراف والمستقبل المظلم إلى أن يحصل على العلاج النفسي ،لمحو أو تخفيف النتائج السيئة لمعاملة أباءهم المنحرفة لهم.
إن الاعتماد الفطري لدى الطفل لتلبية احتياجاته اليومية على الكبار، سواء والديه أو المسؤول عن تربيته في دور الأيتام ،تجعله بسبب براءته معرضا إذا كان من يربيه لديه عقد نفسية نتيجة لطفولة بائسة جعلت الطفل في داخله لا ينضج فيقوم بضربه مثلما كان يفعل أحد والديه به ،أو يجعلوا الطفل امتداد لهم ،
وإذا تعرض هذا الأب لتحرش أو اعتداء جنسياً في طفولته ، إذا كان من يربيه منحرفاً ،فأنه أيضاً سيضرب أبنه بعنف أو يتحرش به ويستغله جنسياً.
إن نقطة ضعف الطفل هو اعتماده الفطري بسبب براءته على من يربيه في تلبية احتياجاته اليومية ، مما يجعله عرضة للانتهاكات النفسية والجنسية التي تشوه نفسية هذا الطفل .
وعلى الآباء الذين يربون أبنائهم ، معاملتهم بمحبة وحنان وحزم ،منذ الطفولة إلى المراهقة .
لينشئوا في بيئة عاطفية ،مليئة بالحنان والحب والحزم ،ليكونوا مواطنين أصحاء نفسيا وعاطفيا وجسديا ،ليساهموا مستقبلاً هم أيضاً في توفير حياة سعيدة لأطفالهم ،تملئ نفوسهم بالسعادة والثقة بالنفس والنجاح .
فالطفل إذا لم يجد من يمنحه الأمن والاطمئنان ،لينمو وينضج ،وينظر إلى والديه أو من يربيه أنه المثل الأعلى للسلوك الصحيح ، فأنه لا ينمو بشكل صحيح ،ويظل طفلاً في داخله ،ويعيش حياة شقية، ويمارس نفس ما مارسه والديه معه ،أومن يرعاه في دار الأيتام، مع أبنائه عندما يكبر.
والطفل بحاجة إلى من يرعى نموه في مراحل طفولته ،إلى أن يبلغ سن المراهقة ،لكي ينضج، بشكل صحي.
كما أن كل مرحلة نمو يمر بها الطفل ،هي خطوة نحو نموه العاطفي والنفسي ،ليصل إلى سن المراهقة.
لذلك ،إذا لم تتحقق احتياجات الطفل الأساسية وفي الوقت المناسب ، وبنتائج إيجابية ، مثل احساس الطفل بالدهشة والفضول والتفاؤل ، سيمضي دون أن يحصل على احتياجاته الضرورية ، للانتقال إلى المرحلة الثانية بعد الطفولة وهي المراهقة، وكل خطأ يرتكب في حق الطفل ،سوف يكون له نتائج سلبية على مراحل نموه القادمة ،لإن حياة الأنسان كما يقول مؤلف الكتاب "د براد شو" تتشكل بالنمو الشخصي المتتابع في الطفولة وما يصاحبها من معاملة ايجابية ممن يربيه ، فإذا حصل الطفل على الحب والحنان والحزم ،ممن يربيه سيدخل سن المراهقة بنفسية إيجابية سعيدة .
ويقول الدكتور "براد شو" "سنظل كبشر بحاجة إلى من يهتم بنا ويحبنا، فإذا لم يجد الطفل هذه المشاعر من والديه أو من يربيه، فأنه لن يشعر بالتوازن النفسي. وما ينتج عند ذلك أنه سيكون إما انطوائيا جداً أو يتعلق بشخص ويصبح ظل لهذه الشخصية وهو ما لا نتمناه لأبنائنا مستقبلاً.